وأناب من كفره وفسوقه أن يعاقبه على سالف جرمه بعد توبته له. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون ئ لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون) *.
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فقال بعضهم:
معناه: لتنذر قوما ما أنذر الله من قبلهم من آبائهم. ذكر من قال ذلك:
22227 حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن عكرمة في هذه الآية: لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم قال: قد أنذروا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم. ذكر من قال ذلك:
22228 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم قال بعضهم: لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم من إنذار الناس قبلهم. وقال بعضهم:
لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم: أي هذه الأمة لم يأتهم نذير، حتى جاءهم محمد (ص).
واختلف أهل العربية في معنى ما التي في قوله: ما أنذر آباؤهم إذا وجه معنى الكلام إلى أن آباءهم قد كانوا أنذروا، ولم يرد بها الجحد، فقال بعض نحويي البصرة:
معنى ذلك: إذا أريد به غير الجحد لتنذرهم الذي أنذر آباؤهم فهم غافلون. وقال:
فدخول الفاء في هذا المعنى لا يجوز، والله أعلم. قال: وهو على الجحد أحسن، فيكون معنى الكلام: إنك لمن المرسلين إلى قوم لم ينذر آباؤهم، لأنهم كانوا في الفترة.
وقال بعض نحويي الكوفة: إذا لم يرد بما الجحد، فإن معنى الكلام: لتنذرهم بما أنذر آباؤهم، فتلقى الباء، فتكون ما في موضع نصب فهم غافلون يقول: فهم غافلون عما الله فاعل: بأعدائه المشركين به، من إحلال نقمته، وسطوته بهم.
وقوله: لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون يقول تعالى ذكره: لقد وجب العقاب على أكثرهم، لان الله قد حتم عليهم في أم الكتاب أنهم لا يؤمنون بالله، ولا يصدقون رسوله. القول في تأويل قوله تعالى: