وأما عند الموت، فإن الله قال: فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم. وأما في الآخرة فكانوا أزواجا ثلاثة، وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه قال: هم أصحاب المشأمة ومنهم مقتصد قال: أصحاب الميمنة، ومنهم سابق بالخيرات قال: فهم السابقون من الناس كلهم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال:
ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه قال: سقط هذا ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله قال: سبق هذا بالخيرات، وهذا مقتصد على أثره.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب تأويل من قال: عنى بقوله: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا الكتب التي أنزلت من قبل الفرقان.
فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يكون ذلك معناه، وأمة محمد (ص) لا يتلون غير كتابهم، ولا يعملون إلا بما فيه من الاحكام والشرائع؟ قيل: إن معنى ذلك على غير الذي ذهبت إليه، وإنما معناه: ثم أورثنا الايمان بالكتاب الذين اصطفينا، فمنهم مؤمنون بكل كتاب أنزله الله من السماء قبل كتابهم وعاملون به، لان كل كتاب أنزل من السماء قبل الفرقان، فإنه يأمر بالعمل بالفرقان عند نزوله، وباتباع من جاء به، وذلك عمل من أقر بمحمد (ص)، وبما جاء به، وعمل بما دعاه إليه بما في القرآن، وبما في غيره من الكتب التي أنزلت قبله.
وإنما قيل: عنى بقوله ثم أورثنا الكتاب الكتب التي ذكرنا لان الله جل ثناؤه قال لنبيه محمد (ص) والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه ثم أتبع