وقوله: وهو العزيز الحكيم يقول: وهو العزيز في نقمته ممن انتقم منه من خلقه بحبس رحمته عنه وخيراته، الحكيم في تدبير خلقه، وفتحه لهم الرحمة إذا كان فتح ذلك صلاحا، وإمساكه إياه عنهم إذا كان إمساكه حكمة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون) *.
يقول تعالى ذكره للمشركين به من قوم رسول الله (ص) من قريش: يا أيها الناس اذكروا نعمة الله التي أنعمها عليكم بفتحه لكم من خيراته ما فتح وبسطه لكم من العيش ما بسط وفكروا فانظروا هل من خالق سوى فاطر السماوات والأرض الذي بيده مفاتيح أرزاقكم ومغالقها يرزقكم من السماء والأرض فتعبدوه دونه لا إله إلا هو يقول: لا معبود تنبغي له العبادة إلا الذي فطر السماوات والأرض، القادر على كل شئ، الذي بيده مفاتح الأشياء وخزائنها، ومغالق ذلك كله، فلا تعبدوا أيها الناس شيئا سواه، فإنه لا يقدر على نفعكم وضركم سواه، فله فأخلصوا العبادة، وإياه فأفردوا بالألوهة فأنى تؤفكون يقول: فأي وجه عن خالقكم ورازقكم الذي بيده نفعكم وضركم تصرفون، كما:
22111 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فأنى تؤفكون يقول الرجل: إنه ليوفك عنى كذا وكذا.
وقد بينت معنى الإفك، وتأويل قوله: تؤفكون فيما مضى بشواهده المغنية عن تكريره. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور ئ يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): وإن يكذبك يا محمد هؤلاء المشركون بالله من قومك فلا يحزننك ذاك، ولا يعظم عليك، فإن ذلك سنة أمثالهم من كفرة الأمم بالله، من قبلهم، وتكذيبهم رسل الله التي أرسلها إليهم من قبلك، ولن يعدو مشركو قومك أن يكونوا مثلهم، فيتبعوا في تكذيبك منهاجهم، ويسلكوا سبيلهم وإلى الله ترجع الأمور يقول تعالى ذكره: وإلى الله مرجع أمرك وأمرهم، فمحل بهم العقوبة، إن هم لم ينيبوا إلى طاعتنا في اتباعك، والاقرار بنبوتك، وقبول ما دعوتهم إليه من النصيحة، نظير ما أحللنا بنظرائهم