من كان ميتا فأحييناه قال: هديناه إلى الاسلام كمن مثله في الظلمات أعمى القلب، وهو في الظلمات، أهذا وهذا سواء؟
واختلف أهل العربية في وجه دخول لا مع حرف العطف في قوله: ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور فقال بعض نحويي البصرة: قال: ولا الظل ولا الحرور، فيشبه أن تكون لا زائدة، لأنك لو قلت: لا يستوي عمرو ولا زيد في هذا المعنى لم يجز إلا أن تكون لا زائدة وكان غيره يقول: إذا لم تدخل لا مع الواو، فإنما لم تدخل اكتفاء بدخولها في أول الكلام، فإذا أدخلت فإنه يراد بالكلام أن كل واحد منهما لا يساوي صاحبه، فكان معنى الكلام إذا أعيدت لا مع الواو عند صاحب هذا القول: لا يساوي الأعمى البصير ولا يساوي البصير الأعمى، فكل واحد منهما لا يساوي صاحبه.
وقوله: إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور يقول تعالى ذكره:
كما لا يقدر أن يسمع من في القبور كتاب الله، فيهديهم به إلى سبيل الرشاد، فكذلك لا يقدر أن ينفع بمواعظ الله، وبيان حججه، من كان ميت القلب من أحياء عباده، عن معرفة الله، وفهم كتابه وتنزيله، وواضح حججه، كما:
22162 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور كذلك الكافر لا يسمع، ولا ينتفع بما يسمع.
وقوله: إن أنت إلا نذير يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): ما أنت إلا نذير تنذر هؤلاء المشركين بالله، الذين طبع الله على قلوبهم، ولم يرسلك ربك إليهم إلا لتبلغهم رسالته، ولم يكلفك من الامر ما لا سبيل لك إليه فأما اهتداؤهم وقبولهم منك ما جئتهم به، فإن ذلك بيد الله لا بيدك، ولا بيد غيرك من الناس، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن هم لم يستجيبوا لك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ئ وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ئ ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير) *.
يقول جل ثناؤه لنبيه محمد (ص): إنا أرسلناك يا محمد بالحق وهو الايمان بالله وشرائع الدين التي افترضها على عباده بشيرا يقول: مبشرا بالجنة من صدقك وقبل