تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) *.
يقول تعالى ذكره: وما يعتدل البحران فيستويان، أحدهما عذب فرات والفرات:
هو أعذب العذب، وهذا ملح أجاج يقول: والآخر منهما ملح أجاج، وذلك هو ماء البحر الأخضر والأجاج: المر، وهو أشد المياه ملوحة، كما:
22138 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وهذا ملح أجاج والأجاج: المر.
وقوله: ومن كل تأكلون لحما طريا يقول: ومن كل البحار تأكلون لحما طريا، وذلك السمك من عذبهما الفرات، وملحهما الأجاج وتستخرجون حلية تلبسونها يعني: الدر والمرجان تستخرجونها من الملح الأجاج. وقد بينا قبل وجه تستخرجون حلية، وإنما يستخرج من الملح فيما مضى بما أغنى عن إعادته وترى الفلك فيه مواخر يقول تعالى ذكره: وترى السفن في كل تلك البحار مواخر، تمخر الماء بصدورها، وذلك خرقها إياه إذا مرت واحدتها ماخرة. يقال منه: مخرت تمخر، وتمخر مخرا، وذلك إذا شقت الماء بصدورها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22139 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ومن كل تأكلون لحما طريا: أي منهما جميعا وتستخرجون حلية تلبسونها هذا اللؤلؤ، وترى الفلك فيه مواخر: فيه السفن مقبلة ومدبرة بريح واحدة.
22140 حدثنا علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: وترى الفلك فيه مواخر يقول: جواري.
وقوله: لتبتغوا من فضله يقول: لتطلبوا بركوبكم في هذه البحار في الفلك من معايشكم، ولتتصرفوا فيها في تجاراتكم، وتشكروا الله على تسخيره ذلك لكم، وما رزقكم منه من طيبات الرزق، وفاخر الحلي. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير) *.