أقصى المدينة رجل يسعى قال: ذكر لنا أن اسمه حبيب، وكان في غار يعبد ربه، فلما سمع بهم أقبل إليهم.
وقوله: قال يا قوم اتبعوا المرسلين يقول تعالى ذكره: قال الرجل الذي جاء من أقصى المدينة لقومه: يا قوم اتبعوا المرسلين الذين أرسلهم الله إليكم، واقبلوا منهم ما أتوكم به.
وذكر أنه لما أتى الرسل سألهم: هل يطلبون على ما جاءوا به أجرا؟ فقالت الرسل:
لا، فقال لقومه حينئذ: اتبعوا من لا يسألكم على نصيحتهم لكم أجرا. ذكر من قال ذلك:
22268 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: لما انتهى إليهم، يعني إلى الرسل، قال: هل تسألون على هذا من أجر؟ قالوا: لا، فقال عند ذلك:
يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون.
22269 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب الأحبار، وعن وهب بن منبه اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون: أي لا يسألونكم أموالكم على ما جاؤوكم به من الهدى، وهم لكم ناصحون، فاتبعوهم تهتدوا بهداهم.
وقوله: وهم مهتدون يقول: وهم على استقامة من طريق الحق، فاهتدوا أيها القوم بهداهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون ئ أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون ئ إني إذا لفي ضلال مبين ئ إني آمنت بربكم فاسمعون) *.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هذا الرجل المؤمن ومالي لا أعبد الذي فطرني: أي و أي شئ لي لا أعبد الرب الذي خلقني وإليه ترجعون يقول: وإليه تصيرون أنتم أيها القوم وتردون جميعا، وهذا حين أبدى لقومه إيمانه بالله وتوحيده، كما:
22270 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب الأحبار، وعن وهب بن منبه قال: ناداهم، يعني نادى قومه بخلاف ما هم عليه من عبادة الأصنام، وأظهر لهم دينه وعبادة ربه، وأخبرهم أنه لا يملك نفعه ولا