وقوله: ولن تجد لسنت الله تحويلا يقول: ولن تجد لسنة الله في خلقه تبديلا يقول: لن يغير ذلك، ولا يبدله، لأنه لا مرد لقضائه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شئ في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا) *.
يقول تعالى ذكره: أو لم يسر يا محمد هؤلاء المشركون بالله، في الأرض التي أهلكنا أهلها بكفرهم بنا وتكذيبهم رسلنا، فإنهم تجار يسلكون طريق الشأم فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم من الأمم التي كانوا يمرون بها ألم نهلكهم ونخرب مساكنهم ونجعلهم مثلا لمن بعدهم، فيتعظوا بهم، وينزجروا عما هم عليه من عبادة الآلهة بالشرك بالله، ويعلموا أن الذي فعل بأولئك ما فعل وكانوا أشد منهم قوة وبطشا لن يتعذر عليه أن يفعل بهم مثل الذي فعل بأولئك من تعجيل النقمة، والعذاب لهم. وبنحو الذي قلنا في قوله: وكانوا أشد منهم قوة قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22218 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وكانوا أشد منهم قوة يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم.
وقوله: وما كان الله ليعجزه من شئ في السماوات ولا في الأرض يقول تعالى ذكره: ولن يعجزنا هؤلاء المشركون بالله من عبدة الآلهة، المكذبون محمدا فيسبقونا هربا في الأرض، إذا نحن أردنا هلاكهم، لان الله لم يكن ليعجزه شئ يريده في السماوات ولا في الأرض، ولن يقدر هؤلاء المشركون أن ينفذوا من أقطار السماوات والأرض. وقوله:
إنه كان عليما قديرا يقول تعالى ذكره: إن الله كان عليما بخلقه، وما هو كائن، ومن هو المستحق منهم تعجيل العقوبة، ومن هو عن ضلالته منهم راجع إلى الهدى آئب، قديرا على الانتقام ممن شاء منهم، وتوفيق من أراد منهم للايمان. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا) *.