والخزرج فهما هذان الحيان من الأنصار ومن كان يريد خمرا وخميرا، وذهبا وحريرا، وملكا وتأميرا فليلحق بكوثى وبصرى، فكانت غسان بنو جفنة ملوك الشأم ومن كان منهم بالعراق. قال ابن إسحاق: قد سمعت بعض أهل العلم يقول: إنما قالت هذه المقالة طريفة امرأة عمران بن عامر، وكانت كاهنة، فرأت في كهانتها ذلك، والله أعلم أي ذلك كان قال: فلما تفرقوا، نزلوا على كهانة عمران بن عامر.
وقوله: إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور يقول تعالى ذكره: إن في تمزيقناهم كل ممزق لآيات يقول: لعظة وعبرة ودلالة على واجب حق الله على عبده من الشكر على نعمه إذا أنعم عليه، وحقه من الصبر على محنته إذا امتحنه ببلاء لكل صبار شكور على نعمه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22024 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور كان مطرف يقول: نعم العبد الصبار الشكور، الذي إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) *.
اختلفت القراء في قراءة قوله: ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين: ولقد صدق بتشديد الدال من صدق، بمعنى أنه قال ظنا منه: ولا تجد أكثرهم شاكرين وقال: فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ثم صدق ظنه ذلك فيهم، فحقق ذلك بهم، وباتباعهم إياه. وقرأ ذلك عامة قراء المدينة والشأم والبصرة ولقد صدق بتخفيف الدال، بمعنى: ولقد صدق عليهم ظنه.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى وذلك أن إبليس قد صدق على كفرة بني آدم في ظنه، وصدق عليهم ظنه الذي ظن حين قال: ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين، وحين قال: ولأضلنهم ولأمنينهم... الآية، قال ذلك عدو الله، ظنا منه أنه يفعل ذلك لا علما، فصار ذلك حقا باتباعهم إياه، فبأي القراءتين قرأ القارئ