وقوله: إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص):
إنما تنذر يا محمد الذين يخافون عقاب الله يوم القيامة من غير معاينة منهم لذلك، ولكن لايمانهم بما أتيتهم به، وتصديقهم لك فيما أنبأتهم عن الله فهؤلاء الذين ينفعهم إنذارك، ويتعظون بمواعظك، لا الذين طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون، كما:
22157 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب: أي يخشون النار.
وقوله: وأقاموا الصلاة يقول: وأدوا الصلاة المفروضة بحدودها على ما فرضها الله عليهم. وقوله: ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه يقول تعالى ذكره: ومن يتطهر من دنس الكفر والذنوب بالتوبة إلى الله، والايمان به، والعمل بطاعته، فإنما يتطهر لنفسه، وذلك أنه يثيبها به رضا الله، والفوز بجنانه، والنجاة من عقابه، الذي أعده لأهل الكفر به، كما:
22158 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه: أي من يعمل صالحا فإنما يعمله لنفسه.
وقوله: وإلى الله المصير يقول: وإلى الله مصير كل عامل منكم أيها الناس، مؤمنكم وكافركم، وبركم وفاجركم، وهو مجاز جميعكم بما قدم من خير أو شر على ما أهل منه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما يستوي الأعمى والبصير ئ ولا الظلمات ولا النور ئ ولا الظل ولا الحرور ئ وما يستوي الاحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور ئ إن أنت إلا نذير) *.
يقول تعالى ذكره: وما يستوي الأعمى عن دين الله الذي ابتعث به نبيه محمدا (ص) والبصير الذي قد أبصر فيه رشده، فاتبع محمدا وصدقه، وقبل عن الله ما ابتعثه به ولا الظلمات يقول: وما تستوي ظلمات الكفر، ونور الايمان ولا الظل قيل: ولا الجنة ولا الحرور قيل: النار، كأن معناه عندهم: وما تستوي الجنة والنار والحرور بمنزلة السموم، وهي الرياح الحارة. وذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى، عن رؤبة بن العجاج، أنه كان يقول: الحرور بالليل، والسموم بالنهار. وأما أبو عبيدة فإنه قال: الحرور في هذا