إذ يكفي في صدق مفهوم الاحكام على الآية ان تقوم بدور الوقاية من تسرب صور ومصاديق المعاني الباطلة إلى المعنى المتشابه، وهذا يكون في بعض الأحيان نتيجة طبيعية لتصورنا للمحكم والمتشابه، حيث اخذناه على أساس التشابه في تحديد صورة المعنى ومصداقه، لا في تحديد مدلول اللفظ ومعناه.
وبهذا نجد الفرق بين احكام القرينة اللفظية لذي القرينة بشكل يجعله مختصا بمعنى خاص، وبين احكام الآية المحكمة للآية المتشابهة، مع أننا نتصور هذا الشئ في القرينة اللفظية أيضا.
وثالثا: إن هذا الاتجاه يلتزم بضرورة التعارض المفهومي بين المحكم والمتشابه - كما جاء في النقطة الثانية - في الوقت الذي عرفنا أن الآية المتشابهة لا تدل على مفهوم لغوي باطل، ليلتزم بتعارضه مع المفهوم اللغوي للآية المحكمة، وانما ينشأ الزيغ من محاولة تأويل الآية المتشابهة الذي يعني تجسيدها في مصداق معين وصورة محددة، الامر الذي يفرض علينا الرجوع إلى المحكم في محاولة تحديده وتجسيده. وهذا الشئ هو الذي يستفاد من معنى الآية الكريمة حيث إن الآية المتشابهة لو كانت دالة - بحسب ظهورها - على معنى باطل لكان مجرد اتباعه زيغا دون محاولة تأويله، مع أن الآية تقول: إنهم يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله.
ونخلص من مجموعة هذه الآراء والمناقشات إلى تلخيص الرأي المختار بالنقاط التالية:
1 - إن الآية المتشابهة لا بد وأن تكون ذات ظهور خاص في معنى لغوي معين، بقرينة قوله تعالى: (فيتبعون).
2 - إن المعنى الذي تدل عليه الآية المتشابهة لا يكون بمفهومه اللغوي باطلا وانما يكون صحيحا، والفتنة والزيغ انما يكونان بمحاولة تجسيده في صورة