الزمن على الأقل على نزول القرآن والمسلمون مطاردون وضعفاء سياسيا، وبالرغم من ذلك لم يستطع أحد من بلغاء العرب أن يقوم بهذه المعارضة.
ثانيا: إن سيطرة الاسلام في أواخر عصر النبي (صلى الله عليه وآله) وعصر الخلفاء الأربعة الذين جاؤوا إلى الحكم من بعده لم تكن تعني منع الكفار من اظهار كفرهم، فقد أقر الاسلام جماعات من الكفار على ديانتهم، كما حدث ذلك لأهل الكتاب حيث كانوا يعيشون في ظل الدولة الاسلامية في طمأنينة ورفاهية، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، فلو كان واحد من هؤلاء قادرا على الاتيان بمثل القرآن الكريم لتصدي لمعارضته والانتصار لديانته على الاسلام، خصوصا وأن الاسلام والقرآن دخلا في مناقشات واسعة مع أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وكانوا يملكون استقلالهم سواء في المدينة أو في خارجها من أراضي الشام وغيرها.
ثالثا: إن افتراض الخوف من المعارضة نتيجة للسيطرة الاسلامية انما يمنع من إظهار المعارضة للقرآن الكريم وإعلانها، وأما المعارضة السرية فقد كانت من الممكن ان تتم ضمن الحدود الخاصة للمعارضين من أصحاب هذه الديانات دون أن تكون لها نتائج مضادة، ولو كان من الممكن الاتيان بمثل القرآن الكريم لأمكن لهؤلاء ان يعارضوه ثم ينتظروا الفرصة السانحة لاظهار هذه المعارضة، خصوصا إذا لاحظنا أن أهل الكتاب ما زالوا يحتفظون بمجموعة من النصوص الدينية لهم ويتداولونها، مع أنها تتعارض مع القرآن الكريم في محتوياتها ومضامينها.
رابعا: من الملاحظ عادة أن الكلام مهما بلغ من رتبة عالية في البلاغة ومتانة الأسلوب وقوته فإنه يصبح كلاما عاديا إذا تكرر سماعه، ولذلك نرى القصيدة البليغة تصبح عادية عندما يتكرر القاؤها عدة مرات، بحيث قد تبدو قصيدة