أخرى أقل منها بلاغة أبلغ منها بسبب عدم تكرارها، وهذا يعني أن الألفة والانس بالقرآن الكريم - لو كان كلاما عاديا - تدعو إلى أن يصبح أيسر على المعارضة والاتيان بمثله، لا ان ينصرف الناس عن التفكير بمعارضته نتيجة لأنسهم به بالرغم من تحديه المستمر لهم وتعاليه عليهم.
الشبهة السادسة:
إن القرآن ليس معجزة وان كان يعجز جميع البشر عن الاتيان بمثله، لان المعجزة يجب ان تكون صالحة لان يتعرف جميع الناس على جوانب التحدي فيها، لأنها دليل النبوة التي يراد بواسطتها اثبات النبوة لهم، والكلام البليغ لا يكفي في إعجازه عجز الناس عن الاتيان بمثله، لان معرفة جوانب التحدي والاعجاز فيه من بلاغته وسمو التعبير فيه لا تتوفر الا للخاصة منهم الذين يتكلمون العربية ويعرفون دقائق تركيبها وميزاتها.
ويمكن ان تناقش هذه الشبهة بما يلي:
أولا: إن هذه الشبهة تتضمن في الحقيقة اعترافا بالاعجاز القرآني، إلا أنها تحاول التهرب من ذلك باعطاء المعجزة طابعا خاصا يرتبط بمدى دلالتها على دعوى النبوة، فالشبهة لا تناقش الاعجاز من ناحية النقص في التركيب والمضمون القرآني وعدم ارتفاعه إلى مستوى التحدي، وانما تناقشه من زاوية افتراض عدم قدرة جميع الناس على فهم هذا الاعجاز واستيعابه، وانما يفهم الخاصة منهم هذا الاعجاز.
ثانيا: إن طريق الايمان بالمعجزة لا يتوقف على معرفتها عن طريق التجربة الشخصية المباشرة لها لكل الناس، وانما يمكن ان يتحقق عن طريق معرفة ذوي الاختصاص والخبرة من الناس لها، الشئ الذي يجعلنا نصدق بالمعجزة لعجز هؤلاء الناس المختصين، وهذا هو السبيل الوحيد لايماننا بكثير من حقائق الكون