واقعا نفسيا، بالرغم من تدوين كتب السيرة النبوية لأدق الاحداث والتفصيلات عن حياة الرسول الشخصية.
ولعل من القرائن التأريخية التي تشهد بكذب هذا الافتراض: هو ما ذكرته كتب السيرة من اضطراب النبي - في البداية - وخوفه حين فاجأه الوحي في غار حراء.
الرابعة: أن هذه النظرية تفرض ان يكون إعلان النبوة نتيجة مرحلة معينة من التكامل العقلي والنفسي، ونتيجة مراحل طويلة من المعاناة والتفكير والتأمل والحساب وهذا يستلزم بطبيعة الحال ان ينطلق الرسول في اللحظة الأولى من دعوته إلى طرح مفاهيمه وأفكاره ومناهجه عن الكون والحياة والمجتمع بجوانبه المتعددة، لأن المفروض أن الصورة كانت متكاملة عنده نتيجة التفكير الطويل ودراسة الكتب واعمال الأنبياء السابقين، مع أن التأريخ يؤكد أن أسلوب الدعوة وطريقتها كانا يختلفان عن ذلك تماما، وان البداية كانت هي الخوف والاضطراب ثم الدعوة إلى التوحيد، ومن ثم الانطلاق إلى المجالات الأخرى سواء على مستوى المفاهيم أو الموقف بشكل تدريجي مع ما كان يتخلل ذلك من حالات ركود وانقطاع في الوحي.
ب - المحتوى الداخلي للظاهرة القرآنية يناقض نظرية الوحي النفسي:
إن للمحتوى الداخلي للظاهرة القرآنية وما تتصف به من مواصفات، ولسعة النظرية القرآنية وآفاقها المتعددة ومجالاتها المتشعبة، أهمية كبرى في رفض نظرية الوحي النفسي، إذ إن هذه المواصفات وهذا الاتساع والشمول لا يتفق مع طبيعة المصادر التي تفرضها النظرية، ويتضح ذلك عندما نلاحظ الأمور التالية:
1 - ان الموقف العام للقرآن الكريم تجاه الديانتين اليهودية والمسيحية هو موقف المصدق لهما والمهيمن عليهما، فقد صدق القرآن الكريم الأصل الإلهي لهاتين الديانتين وارتباطهما بالمبدأ الاعلى، ولكنه في نفس الوقت جاء مهيمنا