ولا شك أن القرآن الكريم كان أهم تلك المصادر على الاطلاق التي اعتمد عليها واضعو هذه القواعد في صياغتها وتأسيسها، لأنه أوثق المصادر العربية والكلام البليغ الذي بلغ القمة، ولذلك نجد علماء العربية عندما يريدون الاستدلال على صحة اي قاعدة يستدلون على ذلك بالآيات القرآنية أو بالنصوص التي تثبت نسبتها إلى العرب الأوائل.
وعلى هذا الأساس التأريخي لوجود قواعد اللغة العربية يجب ان يكون الموقف تجاهها ان نجعل القرآن هو القياس الذي يتحكم في صحتها وخطئها، لا ان نجعل القواعد مقياسا نحكم به على القرآن، لان القاعدة العربية وضعت على ضوء الأسلوب القرآني فإذا ظهر أنها خلاف هذا الأسلوب يكشف ذلك عن وقوع الخطأ في عملية استكشاف القاعدة نفسها.
ب - ثم إذا لاحظنا موقف العرب المعاصرين للقرآن الكريم - وهم ذوو الخبرة والمعرفة الفائقة باللغة العربية - وجدناهم قد أذعنوا واستسلموا للبلاغة القرآنية وتأثروا بها ايمانا منهم بأنه يسير على أدق القواعد والأساليب العربية في البيان والتعبير، ولو كان في القرآن الكريم ما يتنافى مع قواعد اللغة العربية وأصولها لكان من الجدير بهؤلاء الأعداء ان يتخذوا ذلك وسيلة لنقد القرآن ومنفذا للطعن به.
الشبهة الثانية:
إن القرآن قد تحدث عن قصص الأنبياء، كما تحدثت الكتب الدينية الأخرى كالتوراة والإنجيل عنها، وعند المقارنة بين ما ذكره القرآن وما ورد في التوراة والإنجيل نجد القرآن يخالف تلك الكتب في حوادث كثيرة ينسبها إلى الأنبياء وأممهم، الامر الذي يجعلنا نشك في أن يكون مصدر القرآن الوحي الإلهي لسببين:
الأول: ان هذه الكتب من الوحي الإلهي الذي اعترف به القرآن، وإذا كان القرآن وحيا الهيا أيضا فلا يمكن ان يناقض الوحي نفسه في الاخبار عن حوادث