لسان عربي مبين) (١).
٣ - إن القرآن الكريم يمتد بنظره إلى الغيب المجهول في الماضي البعيد وفي المستقبل على السواء، فهو يقص أحسن القصص عن أمم خلت، وما وقع في حياتها من عظات وعبر، وما اكتنفها من مضاعفات، يتحدث عن كل ذلك حديث من شاهد الاحداث كلها، وراقب جريانها، وعاش في عصرها بين أصحابها، قال الله تعالى: ﴿تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر ان العاقبة للمتقين﴾ (٢). وقال: ﴿وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر وما كنت من الشاهدين * ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين﴾ (٣). وقال: ﴿ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون اقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون﴾ (٤).
وكل هذه الآيات الكريمة تأكد تحدي القرآن للقوانين الطبيعية في استيعابه لتلك الاحداث، واحاطته بالماضي المجهول، إذ كيف يمكن بحكم القوانين الطبيعية أن يتحدث شخص في كتاب عن أحداث أمم في الماضي السحيق لم يعشها ولم يعاصرها؟
وقد أحس المشركون بهذا التحدي أيضا: ﴿وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا﴾ (5). وكانت حياة محمد (صلى الله عليه وآله) ردا مفحما لهم، فقد عاش