﴿وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون﴾ (١).
﴿قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون﴾ (2).
وهذا يعتبر تحديا آخر من القرآن للقوانين الطبيعية، إذ لو كان القرآن جاريا وفق هذه القوانين، لما كان من الممكن ان يجئ به فرد أمي، لم يشارك حتى في ثقافة مجتمعه، بالرغم من بساطتها، ولم يؤثر عنه اي بروز في عالم اللغة بمختلف مجالاتها، فيبذ به الانتاج الأدبي كله ويبهر بروعته وحكمته وبلاغته، أعاظم البلغاء والعلماء.
فهل رأيت في مجرى القوانين الطبيعية شخصا جاهلا بالطب لم يدرس عنه شيئا يتقدم بكتاب في الطب يبهر عقول الأطباء بما يضم من اسرار العلم وآياته؟
وهل رأيت في مجراها شخصا لا يحسن أن يكتب في لغة ما، ولا يجيد شيئا من علومها يأتي بالرائعة التأريخية في حياة تلك اللغة، ويكشف عن امكانيات أدبية كبيرة جدا في تلك اللغة لم تكن تخطر على بال حتى يتصور الناس أنه ساحر؟
والواقع أن المشركين في عصر (البعثة النبوية) أحسوا بهذا التحدي العظيم وكانوا حائرين في كيفية تفسيره، ولا يجدون تفسيرا معقولا له وفق القوانين الطبيعية، ولدينا عدة نصوص تأريخية تصور حيرتهم في تفسير القرآن وموقفهم، القلق من تحديه للقوانين والعادات الطبيعية.
فمن ذلك أن الوليد بن المغيرة استمع يوما إلى النبي في المسجد الحرام وهو يقرأ القرآن فانطلق إلى مجلس قومه بني مخزوم فقال: " والله لقد سمعت من محمد آنفا