النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) القلاع قلعة بعد أخرى حتى بلغ أقوى القلاع وأمنعها وآخرها وكان فيها " مرحب " قائد اليهود المعروف.
وفي هذه الأيام أصاب رأس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجع شديد كان ينتابه أحيانا حتى أنه لم يستطع الخروج من خيمته - يوما أو يومين.. وفي هذه الأثناء وطبقا لما ورد في التاريخ الإسلامي، حمل أبو بكر الراية في يده وتوجه بالمسلمين نحو معسكر اليهود غير أنه سرعان ما عاد وهو صفر اليدين دون نتيجة، ومرة أخرى أخذ عمر الراية وحمل بالمسلمين بصورة أشد فما أسرع ما عاد دون جدوى...
فلما بلغ الخبر مسمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " والله لأعطينها غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يأخذها عنوة! ".
فاشرأبت الأعناق من كل جانب ترى من هو المقصود، وقد حدس جماعة منهم أن مقصوده (علي) (عليه السلام)، إلا أن عليا كان مصابا بوجع في عينه فلم يكن حاضرا حينئذ، ولما كان الغد أمر النبي بأن يدعو له عليا، فجاء راكبا على بعير له حتى أناخ قريبا من خباء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو أرمد قد عصب عينيه.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما لك؟
قال علي (عليه السلام): رمدت بعدك.
فقال له: أدن مني، فدنا منه، فتفل في عينيه، فما شكا وجعا حتى مضى بسبيله.
ثم أعطاه الراية.
فتوجه علي (عليه السلام) بجيش الإسلام نحو القلعة الكبرى (من خيبر) فرآه رجل يهودي من أعلى الجدار فسأله من أنت؟ فقال: أنا علي بن أبي طالب. فنادى اليهودي: أيتها الجماعة حان اندحاركم، فجاء " مرحب " آمر الحصن ونازل عليا فما كان إلا أن هوى إلى الأرض صريعا بضربة علي (عليه السلام)، فالتحمت الحرب بين المسلمين واليهود بشدة فاقترب علي (عليه السلام) من باب الحصن فقلعه فدحاه فرماه بقوة