وتائقون إلى الدعة والراحة ويفرون من الحرب والقتال فإن ما يحللونه إزاء الحوادث لا ينطبق على الواقع أبدا.. ومع هذه الحال فإنهم يتصورون أن تحليلهم صائب جدا.
وبهذا الترتيب فإن الخوف والجبن وطلب الدعة والفرار من تحمل المسؤوليات يجعل سوء ظنهم في الأمور واقعيا، فهم يسيئون الظن في كل شئ حتى بالنسبة إلى الله والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ونقرأ في نهج البلاغة من وصية للإمام علي (عليه السلام) إلى مالك الأشتر قوله: " إن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله " (1).
حادثة " الحديبية " والآيات محل البحث، كل ذلك هو الظهور العيني لهذا المعنى، ويدلل كيف أن مصدر سوء الظن هو من الصفات القبيحة حاله حال البخل والحرص والجبن!.
وحيث أن هذه الأخطاء مصدرها عدم الإيمان فإن القرآن يصرح في الآية التالية قائلا: ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا اعتدنا للكافرين سعيرا (2)..
و " السعير " معناه اللهيب.
وفي آخر آية من الآيات محل البحث يقول القرآن ومن أجل أن يثبت قدرة الله على معاقبة الكفار والمنافقين: ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما.
ومما يسترعي النظر أن موضوع المغفرة مقدم هنا على العذاب، كما أن في آخر الآية تأكيدا على المغفرة والرحمة أيضا، وذلك لأن الهدف من هذه التهديدات جميعا هو التربية، وموضوع التربية يوجب أن يكون طريق العودة مفتوحا بوجه