مع النبي. ومن هنا سميت مبايعة المسلمين نبيهم تحت الشجرة بيعة الرضوان حيث وردت الإشارة إليها في الآية (18) من السورة ذاتها: لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة.
وعلى كل حال فإن القرآن يتحدث عن مبايعة المسلمين في الآية محل البحث فيقول: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم!
و " البيعة " معناها المعاهدة على اتباع الشخص وطاعته، وكان المرسوم أو الشائع بين الناس أن الذي يعاهد الآخر ويبايعه يمد يده إليه ويظهر وفاءه ومعاهدته عن هذا الطريق لذلك الشخص أو لذلك " القائد " المبايع!.
وحيث أن الناس يمدون أيديهم " بعضهم إلى بعض " عند البيع وما شاكله من المعاملات ويعقدون المعاملة بمد الأيدي و " المصافحة " فقد أطلقت كلمة " البيعة " على هذه العقود والعهود أيضا. وخاصة أنهم عند " البيعة " كأنما يقدمون أرواحهم لدى العقد مع الشخص الذي يظهرون وفاءهم له.
وعلى هذا يتضح معنى يد الله فوق أيديهم.. إذ إن هذا التعبير كناية عن أن بيعة النبي هي بيعة الله، فكأن الله قد جعل يده على أيديهم فهم لا يبايعون النبي فحسب بل يبايعون الله، وأمثال هذه الكناية كثيرة في اللغة العربية!.
وبناء على هذا التفسير فإن من يرى بأن معنى هذه الجملة يد الله فوق أيديهم هو أن قدرة الله فوق قدرتهم أو أن نصرة الله أعظم من نصرة الناس وأمثال ذلك لا يتناسب تأويله مع شأن نزول الآية ومفادها وإن كان هذا الموضوع بحد ذاته صحيحا.
ثم يضيف القرآن الكريم قائلا: فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما (1).