ولا شك أن شهادة الله وحدها كافية، لكن تعدد الشهود فيه إتمام للحجة أكثر وله أثر تربوي - أقوى - في الناس..
وعلى كل حال فإن القرآن الكريم بين هذه الأوصاف الثلاثة وهي الشهادة والبشارة والانذار التي هي من الأوصاف الأساسية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لتكون مقدمة لما ورد في الآية التي بعدها.
وفي الآية التالية خمسة أوامر مهمة - هي في الحقيقة بمثابة الهدف من سمات النبي المذكورة آنفا: وتشكل أمرين في طاعة الله وتسبيحه وتقديره، وثلاثة أوامر منها في " طاعة " رسوله و " الدفاع عنه " و " تعظيم مقامه "، إذ تقول الآية: لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا.
كلمة " تعزروه " مشتقة من مادة تعزير، وهو في الأصل يعني " المنع " ثم توسعوا فيه فأطلق على كل دفاع ونصرة وإعانة للشخص في مقابل أعدائه كما يطلق على بعض العقوبات المانعة عن الذنب " التعزير " أيضا.
وكلمة " توقروه " مشتقة من مادة توقير، وجذورها " الوقر " ومعناها الثقل..
فيكون معنى التوقير هنا التعظيم والتكريم.
وطبقا لهذا التفسير فإن الضميرين في " تعزروه " و " توقروه " يعودان على شخص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والهدف من ذلك هو الدفاع عنه بوجه أعدائه وتعظيمه واحترامه " وقد اختار هذا التفسير الشيخ الطوسي في " التبيان " و " الطبرسي " في مجمع البيان وغيرهما أيضا ".
غير أن جماعة من المفسرين (1) ذهبوا إلى أن جميع الضمائر في الآية تعود على الله، والمراد بالتعزير والتوقير هنا نصرة دين الله وتعظيمه وتكريمه دينه ودليلهم على هذا التفسير انسجام جميع الضمائر بعضها مع بعض.