أجل، إن هذا الحمل لن يسقط على الأرض أبدا، وهذه الرسالة العظيمة لا يمكن أن يتوقف مسيرها، فإن أنتم لم تستمروا في موقفكم في الذب عن دين الله، واستصغرتم شأن هذه الرسالة العظيمة، فإن الله سبحانه سوف يأتي بقوم يتحملون أعباء هذه الرسالة.. أولئك قوم يفوقونكم مرات في الإيثار والتضحية وبذل الأنفس والأموال والإنفاق في سبيل الله!
وقد جاء نظير هذا التهديد في الآية (54) من سورة المائدة، حيث تقول: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم.
والطريف أن أكثر المفسرين قد نقلوا في ذيل الآية - مورد البحث - أن جماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سألوه بعد نزول هذه الآية: من هؤلاء الذين ذكرهم الله في كتابه؟ وكان " سلمان " جالسا قريبا من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فضرب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيده على فخذ سلمان - وفي رواية على كتفه - وقال: " هذا وقومه، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس ".
لقد أورد هذا الحديث وأمثاله محدثو السنة المعروفون في كتبهم المعروفة، كالبيهقي والترمذي، وعليه اتفاق مفسري الشيعة والسنة المشهورين، كصاحب تفسير القرطبي، وروح البيان، ومجمع البيان، والفخر الرازي، والمراغي، وأبي الفتوح الرازي وأمثالهم.
وورد في تفسير الدر المنثور عدة أحاديث في هذا الباب في ذيل الآية مورد البحث (1).
وروي حديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام)، يكمل الحديث السابق، إذ يقول:
" والله أبدل بهم خيرا منهم الموالي " (2).