وبهذا ألغت قريش جميع السنن التي ترتبط بأمن المسجد الحرام وضيوف الله والشهر الحرام ووضعتها تحت أقدامها.. إذ كانت تعتقد بحرمة الأشهر الحرام " ومن ضمنها شهر ذي القعدة الذي عزم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه على العمرة " وخاصة إذا كان الناس حال الإحرام فلا ينبغي التعرض لهم حتى لو كان المحرم قاتل واحد من رجالهم، ورئي محرما في مناسكه فلا يمس بسوء أبدا ".
وفي هذا المكان أي " الحديبية " جرى ما جرى بين رسول الله والمشركين من الكلام حتى انتهى إلى عقد معاهدة الصلح بين المسلمين وبين المشركين من أهل مكة وقد سمي هذا الصلح بصلح الحديبية وسنتحدث عنه في الصفحات المقبلة بإذن الله.
وعلى كل حال فقد منع النبي أن يدخل مكة ويؤدي مناسك العمرة.. فاضطر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأمر أصحابه بأن ينحروا إبلهم ويحلقوا رؤوسهم ويحلوا من إحرامهم! وأن يعودوا نحو المدينة!
وهنا غمر المسلمين طوفان من الحزن والغم وربما تغلب الشك والترديد على قلوب بعض الأفراد ضعيفي الإيمان!
وعن عبد الله بن مسعود قال: أقبل رسول الله من الحديبية فجعلت ناقته تثقل فتقدمنا فأنزل الله عليه إنا فتحنا لك فتحا مبينا فأدركنا رسول الله وبه من السرور ما شاء الله. فأخبر أنها نزلت عليه (1).
ومن هنا فإنه يبدو واضحا هذا الجو الخاص الحاكم على هذه السورة وبمراجعة إجمالية للسورة يمكن القول إنها تتألف من سبعة أقسام!..
1 - تبدأ السورة بموضوع البشرى بالفتح كما أن آياتها الأخيرة لها علاقة بهذا الموضوع أيضا، وفيها تأكيد على تحقق رؤيا النبي التي تدور حول دخوله وأصحابه مكة وأداء مناسك العمرة.