(صلى الله عليه وآله وسلم) أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته، فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه وقالوا: ما نراه ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفة الركي مجفل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ قال:
فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " (1).
أو ما ورد في آداب دفن الموتى من تلقينهم عقائد الحق.
فكيف يمكن التوفيق بين هذه الأمور والآيات مورد البحث أعلاه.
يتضح الجواب على هذا السؤال إذا أخذنا بنظر الاعتبار ما يلي: إن الحديث في الآيات كان حول عدم إدراك الموتى بالشكل الطبيعي والاعتيادي، أما الرواية التي ذكرناها أو تلقين الميت فإنما ترتبط بظروف خاصة وغير عادية، حيث أن الله سبحانه مكن حديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في تلك الحالة من الوصول إلى أسماع الموتى.
وبتعبير آخر فإن الإنسان في عالم البرزخ ينقطع ارتباطه مع عالم الدنيا، إلا في الموارد التي يأذن الله فيها أن يوصل هذا الارتباط، ولذا فإننا لا نستطيع عادة الاتصال بالموتى في الظروف العادية.
السؤال الآخر: هو إذا كان حديثنا غير بالغ أسماع الموتى فما معنى لسلامنا على الرسول الأكرم والأئمة (عليهم السلام) والتوسل بهم، وزيارة قبورهم، وطلب الشفاعة منهم عند الله؟