النظر نجدهما ليسا من لون واحد، مع أنهما من نفس الأبوين، وتم انعقاد نطفتيهما في وقت واحد، وتغذيا من غذاء واحد.
ناهيك عن التفاوت والاختلاف الكامل في بواطنهم عد أشكالهم الظاهرية، وفي خلقهم ورغباتهم وخصوصيات شخصياتهم واستعداداتهم وذوقهم، بحيث يتكون بذلك كيان مستقل منسجم بكل احتياجاته الخاصة.
في عالم الكائنات الحية أيضا يوجد آلاف الآلاف من أنواع الحشرات، الطيور، الزواحف، الحيوانات البحرية، الوحوش الصحراوية، بكل خصائصها النوعية وعجائب خلقتها. كدلالة على قدرة وعظمة وعلم خالقها.
حينما نضع قدمنا في حديقة كبيرة من حدائق الحيوان فسوف نصاب بالذهول والحيرة والدهشة بحيث أننا - بلا وعي منا - نتوجه بالشكر والثناء لله المبدع لكل هذا الفن الخلاب على صفحة الوجود. مع أننا لا نرى أمامنا في تلك الحديقة إلا جزء من آلاف الأجزاء من الموجودات الحية في العالم.
وبعد عرض تلك الأدلة التوحيدية يقول تعالى في الختام جامعا: نعم إن الأمر كذلك كذلك (1).
ولأن إمكانية الانتفاع من آيات الخلق العظيمة هذه تتوفر أكثر عند العباد العقلاء والمفكرين يقول تعالى في آخر الآية: إنما يخشى الله من عباده العلماء.
نعم فالعلماء من بين جميع العباد، هم الذين نالوا المقام الرفيع من الخشية " وهي الخوف من المسؤولية متوافق مع إدراك لعظمة الله سبحانه "، حالة (الخشية) هذه تولدت نتيجة سبر أغوار الآيات الآفاقية والأنفسية، والتعرف على حقيقة علم وقدرة الله وغاية الخلق.