حول مسألة خلق آدم (عليه السلام)، وبصورة عامة فإن الهدف من توضيح هاتين المسألتين:
أولا: تذكير الإنسان بقيمة وجوده، وسجود كل الملائكة لجده آدم، فكيف بالإنسان الذي كرمه البارئ عز وجل كل هذا التكريم يقع أسيرا في حبائل الشيطان وهوى النفس؟ وكيف ينسى قيمة وجوده، أو يسجد لأصنام صنعها من الحجر والخشب؟!
من المعروف أن أحد الأساليب المؤثرة في التربية، هو إعطاء شخصية للأفراد الذين يتلقون التربية. وبعبارة أصح: تذكيرهم بشخصيتهم الرفيعة وقيمة وجودهم، فإن تذكروا هذا الأمر، أحسوا بأن الذلة والحقارة لا تليقان بهم، فيتجنبوهما تلقائيا.
ثانيا: إن عناد الشيطان وغروره وتكبره وحسده تسببت في سقوطه من مقامه الشامخ الرفيع إلى الحضيض، وغرقه بوحل اللعنة وإلى الأبد، ويمكن أن يكون هذا المثال عبرة لكل لجوج ومغرور ليعتبر ويترك ممارسات الشيطان.
ثالثا: تعريف بني آدم بعدوهم الكبير الذي أقسم الشيطان على إغوائهم، كي يكونوا جميعا على حذر منه ويجتنبوا السقوط في حبائل أسره.
كل هذه الأمور، هي تكملة للأبحاث السابقة، وعلى أية حال فإن الآية الأولى تذكر بإخبار الله عز وجل ملائكته بأنه سيخلق بشرا من الطين: وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين.
ولكي لا يتصور البعض أن أصل خلق الإنسان هو ذلك الطين وحسب أضافت الآية التالية: فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين.
وبهذا الشكل انتهت عملية خلق الإنسان، وذلك بعد امتزاج روح البارئ عز وجل الطاهرة مع التراب. فخلق موجود عجيب لم يسبق له مثيل، ولم توضع لرقيه وانحطاطه أية حدود. الموجود الذي زوده البارئ عز وجل باستعدادات