فما ورد في بداية السورة إلى هنا حق، والذي ورد بشأن أحوال الأنبياء الكبار في هذه السورة بسبب حروبهم وجهادهم حق، والحديث في هذه السورة عن القيامة والعذاب الأليم الذي سينزل بالطغاة والنعم التي سيغدقها البارئ عز وجل على أهل الجنة حق، ونهاية السورة حق، والله سبحانه يقسم بالحق ويقول الحق بأنه سيملأ جهنم بالشيطان وأتباعه، وذلك جواب قاطع على كلام إبليس بشأن إغوائه بني الإنسان، وبهذا وضح البارئ عز وجل تكليف الجميع.
على أية حال، فإن هاتين الجملتين تشتملان على الكثير من التأكيد، فتؤكدان مرتين على مسألة (الحق) وتقسمان بها، وعبارة (لأملأن) رافقتها نون التوكيد الثقيلة و (أجمعين) تأكيد مجدد على كل ذلك، لكي لا يبقى لأحد أدنى شك وترديد بهذا الشأن، إذ لا سبيل لنجاة الشيطان وأتباعه، والاستمرار بالسير على خطاه يؤدي إلى جهنم.
وفي نهاية هذا البحث يشير البارئ عز وجل إلى أربعة أمور في عدة عبارات قصيرة وواضحة؟
ففي المرحلة الأولى يقول: قل ما أسألكم عليه من أجر.
وبهذا وضع النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) حدا لذرائع المتذرعين، وبين أنه لا يبتغي من وراء ذلك سوى نجاة وسعادة البشر، وأنه لا يريد منهم أي جزاء مادي أو معنوي، ولا استحسان ولا شكر، ولا مقام ولا حكومة، وإنما أجري على الله، كما ذكرت ذلك آيات أخرى في القرآن المجيد كالآية (47) من سورة سبأ، والتي تقول: إن أجري إلا على الله.
وهذه هي إحدى دلائل صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأن الداعية الكذاب إنما يدعو للوصول إلى أطماع شخصية، وهذه الأطماع تظهر بشكل أو بآخر من خلال حديثه، والعكس ما نراه في شخصية رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم).
وفي المرحلة الثانية يقول: أنا لست من المتكلفين، فكلامي مستند على الأدلة