إحداها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سأل أحد أصحابه: " أتدري فيما يختصم الملأ الأعلى؟
فقال: كلا، فأجاب رسول الله " اختصموا في الكفارات والدرجات، فأما الكفارات فإسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وأما الدرجات فإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة في الليل والناس نيام " (1).
وبالطبع فإن هذا الحديث لم يذكر أنه ناظر إلى تفسير الآية المذكورة أعلاه، رغم تشابه بعض عباراته مع عبارات الآية، وعلى أية حال، يستفاد من الحديث أن المراد من (اختصموا) هو أنهم تباحثوا وتناقشوا، ولا يعني الجدال في الحديث .. فهم تباحثوا وتناقشوا بشأن أعمال الإنسان والأعمال التي تكون كفارة لذنوبهم وتزيد من درجات الإنسان وترفع من شأنه، ويمكن أن يكون بحثهم حول عدد من الأعمال التي تعد مصدرا لتلك الفضائل، أو بشأن تعيين حد وميزان للدرجات الناتجة عن تطبيق الإنسان لتلك الأعمال، وبهذا الشكل يكون الحديث تفسيرا ثالثا للآية، وهو مناسب من عدة جوانب، ولكنه لا يتناسب مع الآيات التالية، إذ ربما كان المقصود هو بحث ومناقشات الملائكة في موارد أخرى، وليس ذلك المتعلق بالآية.
والجدير بالذكر أن معنى عدم علم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو أني لم أكن أعلم ذلك من نفسي، لأن علمي ليس من قبل نفسي وإنما ينزل علي عن طريق الوحي.
* * *