الأمر أن التراب هو مصدر كل أنواع البركة، والنار رغم أهميتها الكبرى في الحياة فإنها لا تبلغ أبدا أهمية التراب، وإنما يستفاد منها في الوسائل الترابية، وقد تكون أداة خطرة ومدمرة. والأهم من ذلك أن المواد التي يستفاد منها لإشعال النيران كالحطب والفحم والنفط هي من بركة الأرض.
ثالثا: المسألة، هي مسألة إطاعة أوامر الله سبحانه وتعالى وتنفيذها، لأنه خالقنا ونحن عبيده ويجب أن نطبق أوامره.
وعلى أية حال، لو أمعنا النظر في أدلة إبليس لرأينا فيها كفرا عجيبا، لأنه بكلامه أراد نفي حكمة الله، والتقليل من شأن أوامره (نعوذ بالله)، وهذا الموقف المخزي لإبليس دليل على جهله التام، لأنه لو كان قد إعترف بأن عدم سجوده إنما كان لهوى هو هوى النفس، أو أن غروره وتكبره حالا بينه وبين السجود لآدم، وما إلى ذلك لكان الأمر أهون، إذ أنه يكون هنا قد أقر بارتكاب ذنب واحد، إلا أنه بكلامه هذا ولتبرير عصيانه، عمد إلى نفي حكمة البارئ عز وجل وعلمه ومعرفته، وهذا يوضح سقوطه إلى أدنى درجات الكفر والانحطاط.
المخلوق مقابل خالقه يفتقد الاستقلال، إذ أن كل ما لديه هو من خالقه، ولهجة كلام إبليس توضح أنه كان يريد استقلالا وحكما في مقابل حكم البارئ عز وجل، وهذا مصدر آخر من مصادر الكفر.
ويمكن القول أن أسباب ضلال الشيطان، تعود إلى عدة أمور منها الغرور والتكبر والجهل والحسد، وهذه الصفات القبيحة اتحدت وأسقطته إلى الحضيض بعد سنين طوال من مرافقة الملائكة، وكأنه كان معلما لهم.. أسقطته من أوج الفخر إلى أدنى الحضيض، وما أخطر هذه الصفات القبيحة أينما وجدت!!
وكما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في إحدى خطبه في نهج البلاغة: " فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة... عن كبر ساعة واحدة فمن ذا بعد إبليس