لأجلكم أنتم، وكل ما ينشأ عن ذلك من فائدة أو بركة إنما يعود عليكم.
الآية الأخيرة من هذه الآيات تشير إلى خمسة مواضيع فيما يتعلق بما سبق بحثه في الآيات السابقة:
الأول: من الممكن أن يثير ما ورد في الآية الماضية من قوله تعالى: إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد سؤالا في أذهان البعض من أن المقصودين في هذه الآية ليس المذنبين فقط، إذ أن المؤمنين الصالحين موجودون في كل عصر وزمان، فهل يمكن أن يكون هؤلاء أيضا معرضين للعقوبات المترتبة على أعمال الطالحين، ويحكمون بالفناء على حد سواء؟
هنا يجيب ولا تزر وازرة وزر أخرى.
" وزر " بمعنى الثقل، وقد اخذ من " وزر " (على زنة كرب) بمعنى الملجأ في الجبل، وأحيانا يأتي بمعنى المسؤولية ويعبر بذلك عن الإثم كما يعبر عنه بالثقل، والوزير المتحمل ثقل المسؤولية من أميره، والموازرة: المعاونة (1)، لأن الشخص عند المعاونة يتحمل قسطا من الثقل عن رفيقه.
وهذه الجملة تعتبر واحدة من الأسس الهامة في الاعتقادات الإسلامية، والحقيقة أنها ترتبط من جانب بالعدل الإلهي، بحيث يرتهن كل بعمله. وهو تعالى إنما يثيب الشخص على سعيه واجتهاده في طريق الخير، ويعاقبه على ذنبه.
ومن جانب آخر فإن فيها إشارة إلى شدة العقوبة يوم القيامة، بحيث لا يكون أحد مستعدا لتحمل وزر عمل غيره على عاتقه مهما كان قريبا منه.
والالتفات إلى هذا المعنى له الأثر الفعال في البناء الروحي للإنسان، حيث يكون مراقبا لنفسه، ولا يسمح لها بالفساد بحجة فساد الأقران أو المحيط، ففساد المحيط لا يمكن اعتباره مسوغا لإفساد النفس، إذ أن كلا يحمل وحده وزر ذنبه.
ومن جانب آخر فإنه يفهم الناس ويبصرهم بأن حساب الله للمجتمع لا يكون