وأشهرها، ذلك التفسير الذي يعود بالضمير في جملتي (توارت) و (ردوها) إلى (الشمس) التي لم ترد في تلك الآيات، ولكنهم استدلوا عليها من كلمة (العشي) (التي تعني آخر النهار بعد الزوال) الموجودة في آيات بحثنا.
وبهذا الشكل فإن الآيات تعطي المفهوم التالي، إن سليمان كان غارقا في مشاهدة الخيل والشمس قد غربت واستترت خلف حجاب الأفق، فغضب سليمان كثيرا لأنه لم يكن قد صلى صلاة العصر، فنادى ملائكة الله، ودعاها إلى رد الشمس، فاستجابت له الملائكة وردتها إليه، أي رجعت فوق الأفق، فتوضأ سليمان (المراد بمسح السوق والأعناق هو أداء الوضوء الذي كان حينذاك يعمل به وفق سنة سليمان، وبالطبع فإن كلمة (المسح) تأتي أحيانا في لغة العرب بمعنى الغسل) ثم صلى.
البعض ممن ليس لديهم الاطلاع الكافي تحدثوا بأكثر من هذا، ونسبوا أمورا سيئة ومحرمة أخرى إلى هذا النبي الكبير، عندما قالوا: إن المقصود من جملة طفق مسحا بالسوق والأعناق هو أنه أمر بضرب سوق وأعناق الخيل بالسيف، أو أنه نفذ هذا الأمر بشخصه، لأنها شغلته عن ذكر الله والصلاة.
طبيعي أن بطلان التفسير الأخير لا يخفى على أحد، لأن الخيول لا ذنب لها كي يقتلها سليمان بحد السيف، فإن كان هناك ذنب فقد ارتكبه هو، لأنه كان غارقا في مشاهدة خيله، ونسي صلاته.
وأحيانا فإن قتل الخيل إسراف إضافة إلى كونه جريمة، فكيف يمكن أن يصدر مثل هذا العمل المحرم من نبي، أما الروايات التي وردت من المصادر الإسلامية بشأن هذه الآية فإنها تنفي - بشدة - هذه التهمة الموجهة إلى سليمان (عليه السلام).
أما التفاسير السابقة التي قالت بنسيان سليمان وغفلته عن أداء صلاة العصر، فهي موضع السؤال التالي، هل يمكن لنبي معصوم أن ينسى واجبا مكلفا به؟ رغم