الجنة.
بعض المفسرين فسرها بالشكل الأول، فيما فسرها آخرون بالشكل الثاني، وتناسب البحث يتواءم مع المعنى الثاني، وبهذا فإن النعمة الأولى من النعم السبع - التي وردت في آيات بحثنا - هي الهبات المعنوية والمتع الروحية ودرك مظاهر ذات الله، وتناول الشراب الطاهر والغمرة في عشق الله. اللذة التي لا يمكن أن يدركها العبد ما لم يتذوقها ويعيش رحابها.
والسبب في أن العطايا المادية في الجنة قد ذكرت في آيات القرآن الكريم بالتفصيل والهبات المعنوية والملذات الروحية استعرضت بصورة خفية، فهو أن الأولى قابلة للوصف دون الثانية.
وأما بشأن معنى رزق معلوم فلقد قيل عنها الكثير، هل هي بمعنى معلوم الوقت، أم بقاءه ودوامه، أم سائر خصائصه؟ ولكن كما قلنا قبل قليل فان " معلوم " تعبير خفي ومجمل عن المواهب التي لا تقبل الوصف.
ثم ينتقل إلى بيان نعم أخرى، ويعدد قبل كل شئ بعض نعم الجنة التي تقدم لأهل الجنة بكل احترام وتكريم فواكه وهم مكرمون.
وليس بتلك الصورة التي يرمى فيها الطعام أمام الحيوان لتناوله، وإنما يقدم لهم الطعام بكل احترام وكأنهم ضيوف أعزاء.
هنا نترك الحديث عن أنواع الفواكه التي تقدم لأهل الجنة باحترام وتجليل، لنتطرق إلى أماكنهم في الجنة، حيث أن القرآن الكريم يقول: إن أماكنهم في حدائق خضراء مملوءة بنعم الجنة في جنات النعيم.
فأي نعمة يتمنونها موجودة هناك، وكل ما يطلبون يجدونه أمامهم.
وأشارت الآيات إلى النعمة الرابعة، وهي استئناس أهل الجنة بمجالس السمر التي يعقدونها مع أصدقائهم في جو ملؤه الصفاء، إذ يجلسون على سرر متقابلة وينظر كل منهم إلى الآخر على سرر متقابلين.