تقول الآية الكريمة الأولى: ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين.
فإذا لم تستطيعوا تشخيص زمان دقيق لقيام الساعة، فمعنى هذا أنكم لستم صادقين في حديثكم.
الآية التالية ترد على هذا التساؤل المقرون بالسخرية بجواب قاطع حازم، وتخبرهم بأن قيام الساعة ليس بالأمر المعقد أو المشكل بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى: ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون.
فكل ما يقع هو صيحة سماوية كافية لأن تقبض فيها أرواح جميع المتبقين من الناس على سطح الأرض بلحظة واحدة وهم على حالهم، وتنتهي هذه الحياة المليئة بالصخب والدعاوى والمعارك والحروب، ليتخلف وراءها صمت مطبق، وتخلو الأرض من أي صوت أو إزعاج.
وفي حديث عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعانه فما يطويانه حتى تقوم، والرجل يرفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتى تقوم، والرجل يليط حوضه ليسقي ماشيته فما يسقيها حتى تقوم " (1).
جملة " ما ينظرون " هنا بمعنى " ما ينتظرون "، فكما يقول (الراغب) في مفرداته " النظر تقليب البصر والبصيرة لإدراك الشئ ورؤيته، وقد يراد به التأمل والفحص، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص، وهو الروية، والنظر الانتظار ".
" صيحة " صاح: رفع الصوت، وأصله تشقيق الصوت من قولهم انصاح الخشب أو الثوب إذا انشق فسمع منه صوت، وصيح الثوب كذلك، ويقال: بأرض فلان شجر قد صاح، إذا طال فتبين للناظر لطوله، ودل على نفسه بصوته.
" يخصمون " من مادة " خصم " بمعنى النزاع.