والملفت للنظر هنا هو قول القرآن الكريم: ولا الليل سابق النهار. وهذا التعبير يدلل على أن النهار خلق قبل الليل، والليل بعده تماما، فلو أن أحدا نظر من خارج الكرة الأرضية فسيرى موجودين أسود وأبيض يدوران بشكل مرتب حول الأرض، وفي مثل هذه الحركة الدائرية لا يمكن تصور القبل والبعد فيها.
ولكن إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن الأرض التي نعيش عليها كانت يوما ما جزءا من الشمس، وفي ذلك الوقت لم يكن سوى النهار، ولا وجود لليل، ثم بعد أن انفصلت الكرة الأرضية عن الشمس وابتعدت تكون لها ظل مخروطي الشكل من الجهة المخالفة للشمس فكأن الليل، الليل الذي أصبحت حركته بعد النهار، نعم، لو توجهنا لكل ذلك لاتضحت دقة ولطافة هذا التعبير.
وكما قلنا سابقا فليس الشمس والقمر وحدهما يسبحان في هذا الفضاء المترامي، بل إن الليل والنهار أيضا يسبحان حول الكرة الأرضية، وكل منهما له مدار ومسير دائري.
وقد ورد في روايات متعددة عن أهل البيت (عليهم السلام) التصريح بأن الله سبحانه وتعالى خلق النهار قبل الليل. فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال جوابا على سؤال في حديث طويل: " نعم خلق النهار قبل الليل، والشمس والقمر والأرض قبل السماء " (1).
وعن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: " فالنهار خلق قبل الليل وفي قوله تعالى: لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار أي قد سبقه النهار " (2).
وورد نفس المعنى عن الإمام الباقر (عليه السلام) حين قال: " إن الله عز وجل خلق الشمس قبل القمر، وخلق النور قبل الظلمة " (3).