الظلام هو الطبيعة الأصل للكرة الأرضية، وأن النور والإضاءة صفة عارضة عليها تأتيها من مصدر آخر، فهو كاللباس الذي يرتدى، وحينما يخلع ذلك الثوب، يظهر اللون الطبيعي للبدن (1).
هنا يشير القرآن الكريم إلى ظلمة الليل، وكأنه يريد - بعد أن تعرض إلى كيفية إحياء الأرض الميتة كآية من آيات الله في الآيات السابقة - أن يعرض نموذجا عن الموت بعد الحياة من خلال مسألة تبديل النور بظلمة الليل.
على كل حال، فعندما يستغرق الإنسان في ظلمة الليل، ويتذكر النور وبركاته ونشاطه ومنبعه يتعرف - بتأمل يسير - على خالق النور والظلام.
الآية التي بعدها تتعرض إلى النور والإضاءة وتذكر الشمس فتقول:
والشمس تجري لمستقر لها (2).
هذه الآية تبين بوضوح حركة الشمس بشكل مستمر، أما ما هو المقصود من تلك الحركة؟ فللمفسرين أقوال متعددة:
قال بعضهم: إن ذلك إشارة إلى حركة الشمس الظاهرية حول الأرض، تلك الحركة التي ستستمر إلى آخر عمر العالم الذي هو نهاية عمر الشمس ذاتها.
وقال آخرون: إنه إشارة إلى ميل الشمس في الصيف والشتاء نحو الشمال والجنوب على التوالي، لأننا نعلم بأن الشمس تميل عن خط اعتدالها في بدء الربيع بطرف الشمال، لتدخل في مدار (23) درجة شمالا، وتعود مع بدء الصيف قليلا قليلا حتى تنتهي إلى خط اعتدالها عند بداية الخريف وتستمر على خط