الاضطراب عاما، إلى أن يصدر عن الحكيم المتعالي أمره بخصوص المتأهلين للشفاعة.
هنا وحينما يتواجه الفريقان ويتساءلان، (أو أن المذنبين يسألون الشافعين) قالوا: ماذا قال ربكم فيجيبونهم: قالوا: الحق، وما الحق إلا جواز الشفاعة لمن لم يقطعوا ارتباطهم تماما مع الله، لا للذين قطعوا كل حلقات الارتباط، وأضحوا غرباء عن ورسوله وأحبائه.
وتضيف الآية في الختام وهو العلي الكبير وهذه العبارة متممة لما قاله " الشفعاء "، حيث يقولون: لأن الله علي وكبير فأي أمر يصدره هو عين الحق، وكل حق ينطبق مع أوامره.
ما عرضناه هو أقرب تفسير يتساوق وينسجم مع تعابير الآية، وللمفسرين بهذا الخصوص تفسيرات أخرى، والعجيب أن بعضها لم يأخذ بنظر الاعتبار الترابط بين صدر الآية وذيلها وما قبلها وما بعدها.
في الآية التالية يلج القرآن الكريم طريقا آخر لإبطال عقائد المشركين، ويجعل مسألة " الرازقية " عنوانا بعد طرحه لمسألة " الخالقية " التي مرت معنا في الآيات السابقة. وهذا الدليل - أيضا - يطرحه القرآن بصيغة السؤال والجواب من أجل إيقاظ وجدان هؤلاء والفاتهم إلى اشتباههم من خلال تثوير الجواب في ذواتهم.
يقول تعالى: قل من يرزقكم من السماوات والأرض.
بديهي أن لا أحد منهم يستطيع القول بأن هذه الأصنام الحجرية والخشبية هي التي تنزل المطر من السماء، أو تنبت النباتات في الأرض، أو تسخر المنابع الأرضية والسماوية لنا.
الجميل أنه - بدون انتظار الجواب منهم - يردف تعالى قائلا: قل الله.
قل الله الذي هو منبع كل هذه البركات، أي أن الأمر واضح إلى درجة لا يحتاج