هنا يتبادر إلى الذهن فورا السؤال التالي: إذا كانت الأمر كذلك، فماذا تكون قضية شفاعة الشفعاء؟
وللإجابة على هذا التساؤل تقول الآية التي بعدها: لو كان هناك شفعاء لدى الله تعالى فإنهم لا يشفعون إلا بإذنه وأمره ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له.
وعليه فإن العذر الذي يتعلل به الوثنيون بقولهم: هؤلاء شفعاؤنا عند الله (1)، ينتهي بهذا الجواب، وهو أن الله سبحانه وتعالى، لم يجز شفاعتها أبدا.
أما جملة إلا لمن أذن له فهي إشارة إلى الشافعين أو إلى المشفوع لهم.
إحتمل المفسرون الاحتمالين، وإن كان يناسب ما ورد في الآية السابقة من الحديث حول الأصنام وأولئك الذين توهموا أنها شفعاؤهم، أن تكون الإشارة إلى " الشافعين ".
ثم هل أن المقصود من " الشفاعة " هنا شفاعة الدنيا، أم الآخرة؟ كلا الاحتمالين واردان، ولكن الجملة التي تلي ذلك تدلل على أن المقصود هو شفاعة الآخرة.
لذا تقول العبارة بعدها بأنه في ذلك اليوم تهيمن الوحشة والاضطراب على القلوب، ويستولي القلق على الشافعين والمشفوع لهم بانتظار أن يروا لمن يأمر الله بجواز الشفاعة؟ وعلى من ستجوز تلك الشفاعة؟ وتستمر حالة القلق والاضطراب، حتى حين.. فيزول ذلك الفزع والاضطراب عن القلوب بصدور الأمر الإلهي. حتى إذا فزع عن قلوبهم (2).
على كل حال فذلك يوم الفزع، وعيون الذين يطمعون بالشفاعة تعلقت بالشفعاء، ملتمسة منهم الشفاعة بلسان الحال أو بالقول. ولكن الشفعاء أيضا ينتظرون أمر الله، كيف؟ ولمن سيجيز الشفاعة؟ ويبقى ذلك الفزع وذلك