ذات جنبة اضطرارية، وفي كلتا الحالتين تتحجم الأهداف التربوية للإنسان، لذا بقي تأريخ القيامة مكتوما، كما هو الحال بالنسبة إلى " ليلة القدر " تلك الليلة التي هي خير من ألف شهر، أو تاريخ قيام المهدي (عليه السلام)، وعبر عن ذلك المعنى بلطف ما ورد في الآية (15) من سورة طه إن الساعة لآتية أكاد أخفيها لتجزي كل نفس بما تسعى.
أما أولئك الذين يتصورون أن النبي (صلى الله عليه وآله) يجب أن يكون على علم بالتأريخ الدقيق ليوم القيامة لأنه يخبر عنها، فإن ذلك غاية الاشتباه، ودليل على عدم معرفتهم بوظيفة النبوة، فالنبي مكلف بالإبلاغ والبشارة والإنذار، أما مسألة القيامة فمرتبطة بالله سبحانه وتعالى، وهو وحده الذي يعلم تمام تفاصيلها، وما يراه الله لازما لأغراض تربوية، أطلع عليه الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله).
هنا يثار سؤال، وهو أن القرآن الكريم في مقام تهديد المخالفين يقول: لا تستأخرون ولكن لماذا يقول أيضا: لا تستقدمون؟ فما هو تأثير ذلك في هدف القرآن.
للإجابة يجب الالتفات إلى نكتتين:
الأولى: أن ذكر ذينك الاثنين معا إشارة إلى قطعية ودقة تأريخ أي أمر، تماما كما تقول: " فلان قطعي الموعد، وليس لديه تقديم أو تأخير ".
الثانية: أن جمعا من الكفار المعاندين يلحون على الأنبياء دائما، بقولهم: لماذا لا تأتي القيامة؟ وبتعبير آخر، كانوا يستعجلون ذلك الأمر سواء كان ذلك من قبيل الاستهزاء أو غير ذلك. والقرآن يقول لهم: " لا تستعجلوا فإن تأريخ ذلك اليوم هو عينه الذي قرره الله سبحانه وتعالى ".
* * *