ويبقى متحيرا حينذاك.
وجملة بلغت القلوب الحناجر كناية جميلة عن حالة القلق والاضطراب، وإلا فإن القلب المادي لا يتحرك من مكانه مطلقا، ولا يصل في أي وقت إلى الحنجرة.
وجملة وتظنون بالله الظنونا إشارة إلى أن بعض المسلمين كانوا قد خطرت على أفكارهم ظنون خاطئة، لأنهم لم يكونوا قد وصلوا بعد إلى مرحلة الكمال في الإيمان، وهؤلاء هم الذين تقول عنهم الآية التالية: إنهم زلزلوا زلزالا شديدا.
ربما كان بعضهم يفكر ويظن بأننا سننهزم في نهاية المطاف، وينتصر جيش العدو بهذه القوة والعظمة، وقد حانت نهاية عمر الإسلام، وأن وعود النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصر سوف لا تتحقق مطلقا.
من الطبيعي أن هذه الأفكار لم تكن عقيدة راسخة، بل كانت وساوس حدثت في أعماق قلوب البعض، وهذا شبيه بما ذكره القرآن في معركة أحد، حيث يقول:
وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية. (1) ولا شك أن المخاطب في هذه الآية محل البحث هم المؤمنون، وجملة يا أيها الذين آمنوا التي وردت في الآية السابقة دليل واضح على هذا المعنى، وربما لم يلتفت الذين اعتبروا المنافقين هم المخاطبون هنا إلى هذه المسألة، أو لعلهم ظنوا أن مثل هذه الظنون لا تتناسب مع الإيمان والإسلام، في حين أن ظهور مثل هذه الأفكار لا يتعدى كونها وسوسة شيطانية، خاصة في تلك الظروف الصعبة المضطربة جدا، وهذا أمر طبيعي بالنسبة لضعفاء الإيمان، والحديثي العهد بالإسلام (2).