أما في مورد أزواج النبي (صلى الله عليه وآله)، فبالرغم من أنهن لسن أمهات جسميا، إلا أنهن أمهات روحيات اكتسابا من مقام واحترام النبي (صلى الله عليه وآله) ولهن وجوب الاحترام كأمهات. وإذا رأينا القرآن قد حرم الزواج من أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) في الآيات القادمة، فإن ذلك شأن آخر من شؤون احترامهن واحترام النبي (صلى الله عليه وآله) كما سيأتي توضيح ذلك بصورة مفصلة إن شاء الله تعالى.
وهناك نوع ثالث من الأمهات في الإسلام وهي الام المرضعة، والتي أشير إليها في الآية (23) من سورة النساء: وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم إلا أنها في الحقيقة فرع من فروع الام الجسمية.
3 - الحكم الثالث: مسألة أولوية اولي الأرحام في الإرث بالنسبة إلى الآخرين، لأن قانون الإرث في بداية الإسلام - حيث قطع المسلمون علاقتهم بأقوامهم وأقاربهم على أثر الهجرة - نظم على أساس الهجرة والمؤاخاة، أي أن المهاجرين كانوا يرثون بعضهم من بعض أو مع الأنصار الذين تآخوا معهم ولكن لم تكن هناك ضرورة للاستمرار عليه بعد توسع الإسلام وإعادة كثير من العلاقات القومية والرحمية السابقة نتيجة إسلام أقوامهم - (وينبغي الالتفات إلى أن سورة الأحزاب قد نزلت في السنة الخامسة للهجرة، وهي سنة " حرب الأحزاب ") لذلك ثبتت أولوية اولي الأرحام بالنسبة إلى الآخرين.
وهناك قرائن على أن المراد من الأولوية هنا هي الأولوية الإلزامية لا الاستحبابية، لأن إجماع علماء الإسلام على هذا المعنى، إضافة إلى الروايات الكثيرة الواردة في المصادر الإسلامية، والتي تثبت هذا الموضوع.
ويجب هنا الالتفات إلى هذه المسألة بدقة، وهي: أن هذه الآية بصدد بيان أولوية اولي الأرحام في مقابل الأجانب، لا بيان أولوية طبقات الإرث الثلاث بالنسبة إلى بعضها البعض، وبتعبير آخر، فإن المفضل عليهم هنا هم المؤمنون والمهاجرون الذين ورد ذكرهم في متن القرآن: من المؤمنين والمهاجرين.