ولم يقدروا بعد ذلك على القيام بأي عمل مهم.
إن حرب الأحزاب - وكما يدل عليها اسمها - كانت مجابهة شاملة من قبل عامة أعداء الإسلام والفئات المختلفة التي تعرضت مصالحها ومنافعها اللا مشروعة للخطر نتيجة توسع وانتشار هذا الدين.
لقد أشعلت أول شرارة للحرب من قبل يهود " بني النظير " الذين جاؤوا إلى مكة وأغروا " قريش " بحرب النبي (صلى الله عليه وآله)، ووعدوهم بأن يساندوهم ويقفوا إلى جانبهم حتى النفس الأخير، ثم أتوا قبيلة " غطفان " وهيئوهم لهذا الأمر أيضا.
ثم دعت هذه القبائل حلفاءها كقبيلة " بني أسد " و " بني سليم "، ولما كان الجميع قد أحس بالخطر فإنهم اتحدوا واتفقوا على أن يقضوا على الإسلام إلى الأبد، ويقتلوا النبي (صلى الله عليه وآله)، ويقضوا على المسلمين، ويغيروا على المدينة ويطفئوا مشعل الإسلام ونوره.
أما المسلمون الذين رأوا أنفسهم أمام هذا الجحفل الجرار، فإنهم اجتمعوا للتشاور بأمر النبي (صلى الله عليه وآله)، وقبل كل شئ أخذوا برأي " سلمان الفارسي " وحفروا حول المدينة خندقا حتى لا يستطيع العدو عبوره بسهولة ويهجم على المدينة، ولهذا كان أحد أسماء هذه المعركة " معركة الخندق ".
لقد مرت لحظات صعبة وخطرة جدا على المسلمين، وكانت القلوب قد بلغت الحناجر، وكان المنافقون من جهة أخرى قد شمروا عن السواعد وجدوا في تآمرهم على الإسلام، وكذلك ضخامة عدد الأعداء وقلة عدد المسلمين - (ذكروا أن عدد الكفار كان عشرة آلاف، أما المسلمون فكانوا ثلاثة آلاف) واستعداد الكفار من ناحية المعدات الحربية وتهيئة كافة المستلزمات، كل ذلك قد رسم صورة كالحة للمصير المجهول في أعين المسلمين.
إلا أن الله سبحانه أراد أن ينزل هنا آخر ضربة بالكفر، ويميز صف المنافقين عن صفوف المسلمين، ويفضح المتآمرين، ويضع المسلمين الحقيقيين في موضع