ومن الواضح أن الناس الذين يقفون ظاهرا في صف واحد في الظروف العادية، ينقسمون إلى صفوف مختلفة في مثل هذه الموارد المضطربة الصعبة، وهنا أيضا انقسم المسلمون إلى فئات مختلفة: فمنهم المؤمنون الحقيقيون، وفئة خواص المؤمنين، وجماعة ضعاف الإيمان، وفرقة المنافقين، وجمع المنافقين العنودين المتعصبين، وبعضهم كان يفكر في بيته وحياته والفرار، وجماعة كانوا يسعون إلى صرف الآخرين عن الجهاد، والبعض الآخر كان يسعى إلى تحكيم أواصر الود مع المنافقين.
والخلاصة: فإن كل واحد قد أظهر أسراره الباطنية وما ينطوي عليه في هذه القيامة العجيبة، وفي يوم البروز هذا.
كان الكلام في الآيات السابقة عن جماعة المسلمين ضعفاء الإيمان، والذين وقعوا تحت تأثير الوساوس الشيطانية والظنون السيئة، وتعكس أولي الآيات مورد البحث مقالة المنافقين ومرضى القلوب، فتقول: إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا.
جاء في تأريخ حرب الأحزاب: أنه خلال حفر الخندق، وبينما كان المسلمون مشغولين بحفر من الخندق، اصطدموا بقطعة حجر كبيرة صلدة لم يؤثر فيها أي معول، فأخبروا النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك، فأتى بنفسه إلى الخندق ووقف إلى جنب الصخرة، وأخذ المعول، فضرب الحجر أول ضربة قوية فانصدع قسم منه وسطع منه برق، فكبر النبي (صلى الله عليه وآله) وكبر المسلمون.
ثم ضرب الحجر ضربة أخرى فتهشم قسم آخر وظهر منها برق، فكبر النبي وكبر المسلمون، وأخيرا ضرب النبي ضربته الثالثة، فتحطم الباقي من الحجر وسطع برق، فكبر النبي (صلى الله عليه وآله) ورفع المسلمون أصواتهم بالتكبير، فسأل سلمان النبي عن ذلك فقال (صلى الله عليه وآله) " أضاءت الحيرة وقصور كسرى في البرقة الأولى، وأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها، وأضاء لي في الثانية القصور الحمر من أرض الشام