الاختبار العسير.
وأخيرا انتهت هذه الغزوة بانتصار المسلمين - كما سيأتي تفصيل ذلك - فقد هبت بأمر الله عاصفة هوجاء اقتلعت خيام الكفار وأتلفت وسائلهم، وألقت في قلوبهم الرعب الشديد، وأرسل سبحانه قوى الملائكة الغيبية لعون المسلمين.
وقد أضيف إلى ذلك تجلي قدرة وعظمة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أمام عمرو بن عبد ود، فلاذ المشركون بالفرار من دون القدرة على القيام بأي عمل.
نزلت الآيات السبع عشرة من هذه السورة، واستطاعت بتحليلاتها الدقيقة والفاضحة أن تستفيد من هذه الحادثة المهمة من أجل انتصار الإسلام النهائي وقمع المنافقين بأفضل وجه.
كان هذا عرضا لمعركة الأحزاب التي وقعت في السنة الخامسة للهجرة (1)، ومن هنا نتوجه إلى تفسير الآيات ونؤجل سائر جزئيات هذه الغزوة إلى بحث الملاحظات.
يلخص القرآن الكريم هذه الحادثة في آية واحدة أولا، ثم يتناول تبيان خصوصياتها في الست عشرة آية الأخرى، فيقول: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود (كثيرة جدا) فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا ويعلم أعمال كل جماعة وما قامت به في هذا الميدان الكبير.
وهنا جملة مطالب تستحق الدقة:
1 - إن تعبير (اذكروا) يوحي بأن هذه الآيات نزلت بعد انتهاء الحرب ومضي فترة من الزمن أتاحت للمسلمين أن يحللوا في عقولهم وأفكارهم ما كانوا قد رأوه ليكون التأثير أعمق.