فعلى هذا سيكون ذكر جملة في أدنى الأرض إشارة إلى أهمية هذا الاندحار.
وبالطبع فإن التنبؤ عن انتصار البلد المغلوب خلال بضع سنين في المستقبل، له أهمية أكبر، إذ لا يمكن التوقع له إلا عن طريق الإعجاز.
ثم يضيف القرآن: وهم من بعد غلبهم سيغلبون وهم أي الروم. ومع أن جملة " سيغلبون " كافية لبيان المقصود، ولكن جاء التعبير من بعد غلبهم بشكل خاص لتتضح أهمية هذا الانتصار أكثر، لأنه لا ينتظر أن تغلب جماعة مغلوبة وفي أقرب حدودها وأقواها في ظرف قصير، لكن القرآن يخبر بصراحة عن هذه الحادثة غير المتوقعة.
ثم يبين الفترة القصيرة من هذه السنين بهذا التعبير في بضع سنين (1) والمعلوم أن " بضع " ما يكون أقله الثلاث وأكثره التسع.
وإذا أخبر الله عن المستقبل، فلأنه لله الأمر من قبل ومن بعد.
وبديهي أن كون الأشياء جميعها بيد الله - وبأمره وإرادته - لا يمنع من اختيارنا في الإرادة وحريتنا وسعينا وجهادنا في مسير الأهداف المنظورة.
وبتعبير آخر: إن هذه العبارة لا تريد سلب الاختيار من الآخرين، بل تريد أن توضح هذه اللطيفة، وهي أن القادر بالذات والمالك على الإطلاق هو الله، وكل من لديه شئ فهو منه!.
ثم يضيف القرآن، أنه إذا فرح المشركون اليوم بانتصار الفرس على الروم فإنه ستغلب الروم ويومئذ يفرح المؤمنون.
أجل، يفرحون بنصر الله... ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم.
ولكن ما المراد من فرح المؤمنون؟!