ثم اتضح وصار سببا لتغيير العقيدة، أو للضعف وعدم القدرة، إذ لم يرجع الذي وعد عن عقيدته لكنه غير قادر، لكن الله لا يتخلف عن الوعد، لأنه يعرف عواقب الأمور، وقدرته فوق كل شئ.
ثم يضيف القرآن معقبا: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون.
إنهم لا يعلمون إلا الحياة الدنيا فحسب، بل يعلمون الظاهر منها ويقنعون به!
فكل ما تمثله نظراتهم ونصيبهم من هذه الحياة هو اللهو واللذة العابرة والنوم والخيال... وما ينطوي في هذا الأدران السطحي للحياة من الغفلة والغرور، غير خاف على أحد.
ولو كانوا يعلمون باطن الحياة وواقعها في هذه الدنيا، لكان ذلك كافيا لمعرفة الآخرة! لأن التدقيق في هذه الحياة العابرة، يكشف أنها حلقة من سلسلة طويلة ومرحلة من مسير مديد كبير، كما أن التدقيق في مرحلة تكوين الجنين يكشف عن أن الهدف النهائي ليس هو هذه المرحلة من حياة الجنين فحسب! بل هي مقدمة لحياة أوسع!.
أجل، هم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا فحسب، ولكنهم غافلون عن مكنونها ومحتواها ومفاهيمها!.
ومن الطريف هنا أن تكرار الضمير " هم " يشير إلى هذه الحقيقة، وهي أن علة هذه الغفلة وسرها تعود إليهم " فهم الغفلة وهم الجهلة " وهذا يشبه تماما قول القائل لك مثلا: لقد أغفلتني عن هذا الأمر، فتجيبه: أنت كنت غافلا عن هذا الأمر، أي إن سبب الغفلة يعود إلى نفسك أنت!.
* * *