للمفسرين آراء في هذا المجال.
وكذلك في معنى " فينا " الذي ورد تعبيره في الآية، هل المراد منه في سبيل الله؟! أم في سبيل الجهاد للنفس، أم في سبيل العبادة، أم مواجهة الأعداء؟
ولكن من الواضح أن التعبير بالجهاد له معنى واسع مطلق، ومثله التعبير بكلمة " فينا " فالتعبير يشمل كل سعي وجهاد في سبيل الله ومن أجله، وللوصول إلى الأهداف الإلهية، كل ذلك يصدق عليه جاهدوا فينا سواء كان في سبيل كسب المعرفة! أو جهاد النفس، أو مواجهة الأعداء، أو الصبر على الطاعة، أو الصبر على المعصية، أو في إعانة الضعفاء، أو في الإقدام على أي عمل حسن وصالح!
ويتضح مما قلناه ضمنا أن المراد ب " السبل " الطرق المتعددة التي تنتهي إلى الله، سبيل جهاد النفس، سبيل جهاد الأعداء، سبيل العلم والثقافة. والخلاصة، فإن الجهاد في كل طريق من هذه الطرق والسبل سبب لهداية المسير المنتهي إلى الله.
وهذا وعد وعده الله لجميع المجاهدين في سبيله، وأكده بأنواع التأكيدات ك " لام التأكيد والنون الثقيلة " وجعل التوفيق والانتصار والرقي في محور شيئين هما " الجهاد " و " خلوص النية ".
ويعتقد جماعة من الفلاسفة أن التفكر والمطالعة لا يوجدان العلم، بل يهيئان روح الإنسان لقبول صور المعقولات، وحين تتهيأ الروح الإنسانية للقبول يتنزل " الفيض " من قبل الخالق المتعال وواهب الصور بالعلم و " الحكمة ".
فعلى هذا ينبغي على الإنسان أن يجاهد في هذا الطريق، إلا أن الهداية بيد الله تعالى.
وما ورد في الحديث أنه " ليس العلم بكثرة التعلم والتعليم، بل هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء "، فلعله إشارة إلى هذا المعنى أيضا.
* * *