المعاندون ذريعة بوجه الأنبياء، ليجعلوه سدا في طريق الآخرين، والإتهام بنفسه دليل واضح على عظمة ما يصدر من الأنبياء خارقا للعادة، بحيث اتهموه بالسحر.
مع أننا نعرف أن الأنبياء كانوا رجالا صالحين صادقين طلاب حق مخلصين، أما السحرة فهم منحرفون ماديون تتوفر فيهم جميع صفات المدلسين " أصحاب التزوير ".
وإضافة إلى ذلك فإن السحرة كانت لديهم قدرة محدودة على الأعمال الخارقة، إلا أن الأنبياء فقد كان محتوى دعوتهم ومنهاجهم وسلوكهم يكشف عن حقانيتهم، وكانوا يقومون بأعمال غير محدودة، بحيث كان ما يقومون به معجزا لا يشبه سحر السحرة أبدا.
ومما يلفت النظر أن القرآن يضيف في آخر الآية - محل البحث - قائلا: إن هذا الاتهام لم يكن لأنهم كانوا في شك من أمرهم ومترددين فعلا، بل كذبوا معاجز أنبيائهم مع علمهم بحقانيتها وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا.
ويستفاد من هذا التعبير أن الإيمان له حقيقة وواقعية غير العلم واليقين، ويمكن أن يقع الكفر جحودا وإنكارا بالرغم من العلم بالشئ!.
وبعبارة أخرى: إن حقيقة الإيمان هي الإذعان والتسليم - في الباطن والظاهر - للحق، فبناء على ذلك إذا كان الإنسان مستيقنا بشئ ما، إلا أنه لا يذعن له في الباطن أو الظاهر فليس له إيمان. بل هو ذو كفر جحودي، وهذا موضوع مفصل، ونكتفي هنا بهذه الإشارة.
لذلك فإننا نقرأ حديثا عن الإمام الصادق (عليه السلام) يذكر فيه ضمن عده أقسام الكفر الخمسة " كفر الجحود " ويبين بعض شعبه بالتعبير التالي (هو أن يجحد الجاحد وهو يعلم أنه حق قد استقر عنده). (1)