ومما ينبغي الالتفات إليه أن القرآن يعد الباعث على إنكار فرعون وقومه أمرين: الأول الظلم، والثاني العلو: ظلما وعلوا.
ولعل " الظلم " إشارة إلى غصب حقوق الآخرين، و " العلو " إشارة إلى طلب التفوق على بني إسرائيل.
أي إنهم كانوا يرون أنهم إذا أذعنوا لموسى (عليه السلام) وآمنوا به وبآياته، فإن منافعهم غير المشروعة ستكون في خطر، كما أنهم سيكونون مع رقيقهم " بني إسرائيل " جنبا إلى جنب، ولا يمكنهم تحمل اي من هذين الأمرين.
أو أن المراد من الظلم هو ظلم النفس أو الظلم بالآيات، وأن المراد من العلو هو الظلم للآخرين، كما جاء في الآية (9) من سورة الأعراف بما كانوا بآياتنا يظلمون.
وعلى كل حال، فإن القرآن يذكر عاقبة فرعون وقومه على أنه درس من دروس العبرة، في جملة موجزة ذات معنى كبير، مشيرا إلى هلاكهم وغرقهم فيقول: فانظر كيف كان عاقبة المفسدين.
والقرآن هنا لا يرفع الستار عن هذه العاقبة، لأن قصة هؤلاء الكفرة ونهايتهم الوخيمة ذكرها في آيات أخرى واكتفى هنا بالإشارة إلى تلك الآيات ليفهم من يفهم.
والقرآن يعول - ضمنا على كلمة (مفسد) مكان ذكر جميع صفاتهم السيئة، لأن الإفساد له مفهوم جامع يشمل الإفساد في العقيدة، والإفساد في الأقوال والأعمال، والإفساد على المستوى الفردي، والمستوى الجماعي، فجمع كل أعمالهم في كلمة (المفسدين).
* * *