تلك الآيات التي كانت تتكلم عن الأنبياء الآخرين، وهم يواجهون قومهم المعاندين، وربما نالوا منهم الأذى والطرد والاخراج من مدنهم وقراهم.. فالتعابير هنا تختلف عن تلكم التعابير تماما.
ويدل هذا بوضوح أنه لو كان المصلحون والدعاة إلى الله يوفقون إلى تشكيل حكومة لما بقيت معضلة ولغدى طريقهم معبدا سالكا.
وعلى كل حال، فالكلام هنا عن العلم والقدرة والعظمة، وعن طاعة الآخرين حتى الجن والشياطين لحكومة الله وعن تسليم الطير في الهواء والموجودات الأخر لحكومة الله!.
وأخيرا، فإن الكلام عن مكافحة عبادة الأصنام عن طريق الدعوة المنطقية، ثم الإفادة من قدرة الحكومة!.
وهذه الأمور هي التي ميزت قصة هذين النبيين عن الأنبياء الآخرين.
الطريف، أن القرآن يبدأ من مسألة " موهبة العلم " التي هي أساس الحكومة الصالحة القوية، فيقول: ولقد آتينا داود وسليمان علما.
وبالرغم من أن كثيرا من المفسرين أجهدوا أنفسهم وأتعبوها ليعرفوا هذا العلم الذي أؤتيه سليمان وداود، لأنه جاء في الآية بصورة مغلقة.. فقال بعضهم:
هو علم القضاء، بقرينة الآية (20) من سورة ص: وآتينا الحكمة وفصل الخطاب والآية (79) من سورة الأنبياء وكلا آتينا حكما وعلما.
وقال بعضهم: إن هذا العلم هو معرفة منطق الطير بقرينة الآية علمنا منطق الطير.
وقال بعضهم: " إن المراد من هذا العلم هو صنعة الدروع، بقرينة صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم.
إلا أن من الواضح أن العلم هنا له مفهوم واسع، بحيث يحمل في نفسه علم التوحيد والاعتقادات المذهبية والقوانين الدينية، وكذلك علم القضاء، وجميع العلوم التي ينبغي توفرها لمثل هذه الحكومة الواسعة القوية... لأن تأسيس