والحكيم ذو التدبير في جميع الأمور!.
وهذا التعبير في الحقيقة مقدمة لبيان المعجزة التي سيأتي بيانها في الآية التالية لأن الإعجاز آت من هاتين الصفتين " قدرة الله " و " حكمته "، ولكن قبل أن نصل إلى الآية التالية.. ينقدح هذا السؤال وهو: من أين تيقن موسى (عليه السلام) أن هذا النداء هو نداء الله وليس سواه؟!
يمكن أن يجاب على هذا السؤال بأن هذا النداء - أو الصوت المقرون بمعجزة جلية، وهي إشراق النار من الغصن الأخضر " في الشجرة الخضراء " - دليل حي على أن هذا أمر إلهي!.
ثم إنه - كما سنرى في الآية التالية - بعد هذا النداء أمر موسى (عليه السلام) بإلقاء العصا وإظهار اليد البيضاء، على نحو الإعجاز، وهما شاهدان صادقان آخران على هذه الحقيقة.
ثم بعد هذا كله (فعلى القاعدة) فإن نداء الله له خصوصية تميزه عن كل نداء آخر، وحين يسمعه الإنسان يؤثر في روحه وقلبه تأثيرا لا يخالطه الشك أو التردد بأن هذا النداء هو نداء الله سبحانه.
وحيث أن الصدع بالرسالة والبلاغ (وأية رسالة وبلاغ... رسالة إلى جبار مستكبر ظالم كفرعون). لابد له من قوة ظاهرية وباطنية وسند على حقانيته...
فلذا أمر موسى بأن يلقي عصاه: وألق عصاك.
فألقى موسى عصاه، فتبدلت ثعبانا عظيما، فلما رآه موسى يتحرك بسرعة كما تتحرك الحيات الصغار خاف وولى هاربا ولم يلتفت إلى الوراء: فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب. (1) ويحتمل أن عصا موسى تبدلت بادئ الأمر إلى حية صغيرة، ثم تحولت إلى