بلطفه، فلولا لطفه لما كان ذلك ممكنا لنا...
وبعد هذا كله، فالإفادة من آيات القرآن والكتاب المبين هي نصيب أولئك الذين فيهم القابلية على معرفة الحق وطلب الحق. وإن لم يبلغوا مرحلة الهداية الكاملة... وإذا ما وجدنا التعبير في بعض آيات القرآن بأنه هدى للمتقين " كما في الآية 2 من سورة البقرة " وفي مكان آخر للمسلمين " كما في الآية 102 من سوره النحل " وهنا هدى وبشرى للمؤمنين فإن ذلك ناشئ من أنه إذا لم يكن في قلب الإنسان أدنى مرحلة من التقوى والتسليم والإيمان بالواقع، فإنه لا يتجه نحو الحق، ولا يبحث عنه، ولا يفيد من نور هذا الكتاب المبين... لأن قابلية المحل شرط أيضا.
ثم بعد ذلك فإن الهدى والبشرى مقترنين معا.. وهما للمؤمنين فحسب، وليس للآخرين مثل هذه المزية...
ومن هنا يتضح مجئ التعبير بالهداية بشكل واسع لعموم الناس هدى للناس فإن المراد منه أولئك الذين تتوفر فيهم الأرضية المناسبة لقبول الحق، وإلا فأن المعاندين الألداء. عماة القلوب، لو أشرقت عليهم آلاف الشموس بدل شمسنا هذه ليهتدوا، لما اهتدوا أبدا.
وتتحدث الآية التالية عن الاشخاص في المقابلة للمؤمنين، وتصف واحدة من أخطر حالاتهم فتقول: إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون. أي حيارى في حياتهم.
فهم يرون الملوث نقيا، والقبيح حسنا، والعيب فخرا، والشقاء سعادة وانتصارا!.
أجل، هذا حال من يسلك الطريق المنحرف ويتوغل فيها... فواضح أن الإنسان حين يقوم بعمل قبيح. فإن قبحه يخف تدريجا، ويعتاد عليه، وعندما يتطبع عليه يوجهه ويبرره، حتى يبدو له حسنا ويعده من وظائفه! وما أكثر الذين تلوثت أيديهم بالأعمال الإجرامية... وهم يفتخرون بتلك الأعمال ويعدونها